responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 311
[سورة القمر (54) : آية 29]
فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ (29)
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: فَنادَوْا صاحِبَهُمْ نِدَاءَ الْمُسْتَغِيثِ كَأَنَّهُمْ قَالُوا: يَا لَقُدَارٍ لِلْقَوْمِ، كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ: بِاللَّهِ لِلْمُسْلِمِينَ وَصَاحِبُهُمْ قُدَارٌ وَكَانَ أَشْجَعَ وَأَهْجَمَ عَلَى الْأُمُورِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ رَئِيسَهُمْ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَتَعاطى فَعَقَرَ يَحْتَمِلُ وُجُوهًا الْأَوَّلُ: تَعَاطَى آلَةَ الْعَقْرِ فَعَقَرَ الثَّانِي: تَعَاطَى النَّاقَةَ فَعَقَرَهَا وَهُوَ أَضْعَفُ الثَّالِثُ: التَّعَاطِي يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْإِقْدَامُ عَلَى الْفِعْلِ الْعَظِيمِ وَالتَّحْقِيقُ هُوَ أَنَّ الْفِعْلَ الْعَظِيمَ يَقْدُمُ كُلُّ أَحَدٍ فِيهِ صَاحِبَهُ وَيُبْرِئُ نَفْسَهُ مِنْهُ فَمَنْ يَقْبَلُهُ وَيُقْدِمُ عَلَيْهِ يُقَالُ: تَعَاطَاهُ كَأَنَّهُ كَانَ فِيهِ تَدَافُعٌ فَأَخَذَهُ هُوَ بَعْدَ التدافع أَنَّ الْقَوْمَ جَعَلُوا لَهُ عَلَى عَمَلِهِ جُعْلًا فتعاطاه وعقر الناقة. / ثم قال تعالى:

[سورة القمر (54) : آية 30]
فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (30)
وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَتَفْسِيرُهُ غَيْرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ ذَكَرَهَا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ ذَكَرَهَا فِي حِكَايَةِ نُوحٍ بَعْدَ بَيَانِ الْعَذَابِ، وَذَكَرَهَا هَاهُنَا قَبْلَ بَيَانِ الْعَذَابِ، وذكرها في حكاية عاد قبل بيانه وبعد بَيَانِهِ، فَحَيْثُ ذَكَرَ قَبْلَ بَيَانِ الْعَذَابِ ذَكَرَهَا لِلْبَيَانِ كَمَا تَقُولُ: ضَرَبْتُ فُلَانًا أَيَّ ضَرْبٍ وَأَيَّمَا ضَرْبٍ، وَتَقُولُ: ضَرَبْتُهُ وَكَيْفَ ضَرَبْتُهُ أَيْ قَوِيًّا، وَفِي حِكَايَةِ عَادٍ ذَكَرَهَا مَرَّتَيْنِ لِلْبَيَانِ وَالِاسْتِفْهَامِ وَقَدْ ذَكَرْنَا السَّبَبَ فِيهِ، فَفِي حِكَايَةِ نُوحٍ ذَكَرَ الَّذِي لِلتَّعْظِيمِ وَفِي حِكَايَةِ ثَمُودَ ذَكَرَ الَّذِي لِلْبَيَانِ لِأَنَّ عَذَابَ قَوْمِ نُوحٍ كَانَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ عَامٍّ وَهُوَ الطُّوفَانُ الَّذِي عَمَّ الْعَالَمَ وَلَا كَذَلِكَ عَذَابُ قَوْمِ هُودٍ فَإِنَّهُ كَانَ مُخْتَصًّا بِهِمْ. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى:

[سورة القمر (54) : آية 31]
إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (31)
سَمِعُوا صَيْحَةً فَمَاتُوا وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: كَانَ فِي قَوْلِهِ: فَكانُوا مِنْ أَيِّ الْأَقْسَامِ؟ نَقُولُ: قَالَ النُّحَاةُ تَجِيءُ تَارَةً بِمَعْنَى صَارَ وَتَمَسَّكُوا بِقَوْلِ الْقَائِلِ:
بِتَيْمَاءَ قَفْرٍ وَالْمَطِيُّ كَأَنَّهَا ... قَطَا الْحَزْنِ قَدْ كَانَتْ فِرَاخًا بُيُوضُهَا
بِمَعْنَى صَارَتْ فَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: فِي هَذَا موضع إِنَّهَا بِمَعْنَى صَارَ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ كَانَ لَا تُخَالِفُ غَيْرَهَا مِنَ الْأَفْعَالِ الْمَاضِيَةِ اللَّازِمَةِ الَّتِي لا تتعدى والذي يقال إن كان تَامَّةً وَنَاقِصَةً وَزَائِدَةً وَبِمَعْنَى صَارَ فَلَيْسَ ذَلِكَ يُوجِبُ اخْتِلَافَ أَحْوَالِهَا اخْتِلَافًا يُفَارِقُ غَيْرَهَا مِنَ الْأَفْعَالِ وَذَلِكَ لِأَنَّ كَانَ بِمَعْنَى وُجِدَ أَوْ حَصَلَ أَوْ تَحَقَّقَ غَيْرَ أَنَّ الَّذِي وُجِدَ تَارَةً يَكُونُ حَقِيقَةَ الشَّيْءِ وَأُخْرَى صِفَةً مِنْ صِفَاتِهِ فَإِذَا قُلْتَ: كَانَتِ الْكَائِنَةُ وَكُنْ فَيَكُونُ جَعَلْتَ الْوُجُودَ وَالْحُصُولَ لِلشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ فَكَأَنَّكَ قُلْتَ: وَجَدْتُ الْحَقِيقَةَ الْكَائِنَةَ وَكُنْ أَيِ احْصُلْ فَيُوجَدُ فِي نَفْسِهِ وَإِذَا قُلْتَ:
كَانَ زَيْدٌ عَالِمًا أَيْ وُجِدَ عِلْمُ زَيْدٍ، غَيْرَ أَنَّا نَقُولُ فِي وُجِدَ زَيْدٌ عَالِمًا إِنَّ عَالِمًا حَالٌ، وَفِي كَانَ زَيْدٌ عَالِمًا نَقُولُ: إِنَّهُ خَبَرٌ كَقَوْلِنَا حَصَلَ زَيْدٌ عَالِمًا غَيْرَ أَنَّ قَوْلَنَا وُجِدَ زَيْدٌ عَالِمًا رُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْوُجُودَ وَالْحُصُولَ لِزَيْدٍ فِي تِلْكَ الْحَالِ كَمَا تَقُولُ قَامَ زَيْدٌ مُنْتَحِيًا حَيْثُ يَكُونُ القيامة لِزَيْدٍ فِي تِلْكَ الْحَالِ، وَقَوْلُنَا: كَانَ زَيْدٌ عَالِمًا لَيْسَ مَعْنَاهُ كَانَ زَيْدٌ وَفِي تِلْكَ الْحَالِ هُوَ عَالِمٌ لَكِنَّ هَذَا لَا يُوجِبُ أَنَّ كَانَ عَلَى خِلَافِ غَيْرِهِ مِنَ الْأَفْعَالِ اللَّازِمَةِ الَّتِي لَهَا بِالْحَالِ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 29  صفحه : 311
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست